هاني عامر، أخي حبيبي الذي لن يُعوّض، كُلما هممت الكتابة عنه امتلأت مُقلتيّ بالدموع، تتشابك الذكريات أمام عيني مكوّنة حلقةً، اشتقت إليه!

كان مثقفًا، لقد عَرِف كل شيءٍ وتَعَلمه، لم نكُن نسأله في أمرٍ إلّا وعنده حلِه، حبيبي لديه خلفيّةٍ حتى عن التحاليلِ، نفتقد حكمته!

أذكُر له قلة قلقي بأمر أعطال الحاسوب، لقد كان يتولى إصلاحه في كل مرةٍ يتعطل فيها، لطالما كان ملجأ للمذعور واستغاثةً للملهوف فإن مَرض قريب تولى أمرَه، طمأنه على نفسه وهدأ من روعِ ذويه..

لقد كان مثالًا للمسلم القوي، أسدٌ ينحصر الباطلُ في حضرته ويسطع الحقُ جَليًا ولا يخشى لومة لائمٍ.

أبٌ صغيرٌ لأصدقائهِ الأقرب له في السن، عمل على توجيههم بشكلٍ غير مباشر، فأحبوه ووثقوا به على الرغمِ أن الفارق ليس بعيد..

أتذكّره بكلِ مرةٍ أقع فيها بمشكلة، أُحدّث نفسي: “لو كان هُنا لكان داعمي فيها!”..

في وقتٍ قريب، ضاعت فرصةٌ كبيرةٌ عليّا كنت أنتظرها بترقبٍ، جلست أبكي بحرقةٍ على فواتها، تخيّلته قريب.. حاكيّته مصابي وكأنه أمامي، أُحدّث طيفه عما أَلَم بي حتى أكلّ البكاء قواي وسقطت في النومِ..

أتاني حبيبي في رؤيةٍ مبتسمًا، تلى عليّا أبياتٌ من الشعرِ امتصت حُزني، لا أذكُرها ولكني أذكُر معناها..

استمر في تعليمي حتى وهو في الجانب الآخر الغير مرئي، ولكني والله دائمًا ما أشعر به كأنه لازال بيننا..

هاني عامر أخي وصديقي وحبيبي عندما حان أجلُه، بكاه البعض كأخٍ لهم، تأملتهم في هذا المشهد وهمست إلى نفسي:

–        أنا أصدق هذه الدموع، لطالما حبيبي بكى على موتِ مسلمين كأنهم أخوته، أصدق أنها من قلوبكِم..

يومُ عزائه علمني هاني أن المسلم أخو المسلم، حتى في هذه اللحظة علمني معنى الحديث “المسلم أخو المسلم”.

من قصةِ المهندس هاني عامر، والذي تم إعدامه بتاريخِ 17 مايو 2015 بعد محاكمةٍ غابت عنها معايير العدالةِ، وكان قد تم اختطافه من قِبَلِ قوات الأمنِ في شهرِ ديسمبر 2013، ليتعرض للإخفاءِ القسري والتعذيب.